“منظمة الأصوات المتحدة” تقوم بحملات تحت شعار “لا تسرقوا أصواتنا” من أجل الدفع نحو إقرار تشريع يوائم بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري (غيتي)
عالم الدبلجة والإلقاء الصوتي يشهد تحولاً جذرياً مع ظهور “وحش” الذكاء الاصطناعي الذي يهدد مستقبل الممثلين وقرّاء الكتب المسموعة حول العالم. يتيح الذكاء الاصطناعي الجديد إمكانية إنشاء أصوات رقمية تقترب بشكل كبير من الأصوات البشرية، وهو ما يثير القلق بشأن تهديد وجود هؤلاء العمالة البشرية المتخصصة في هذا المجال.
لمواجهة هذا التحدي، قامت 20 نقابة ومنظمة عمالية من أوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية بتأسيس “منظمة الأصوات المتحدة”، التي تسعى لحماية حقوق العاملين في مجال الدبلجة والإلقاء الصوتي. حملاتها تهدف إلى تحقيق تشريع يحمي التوازن بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري، وتحذر من استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل “عشوائي وغير منظم” قد يؤدي إلى فقدان “التراث الفني للإبداع” الذي لا يمكن أن تنتجه الآلات.
تقدم منصات الذكاء الاصطناعي العاملة في هذا المجال مجموعة واسعة من الخدمات الصوتية بتكلفة زهيدة مقارنةً بالأصوات البشرية المحترفة، مما يزيد من التحديات التي يواجهها العاملون في هذا المجال. على الرغم من أن هذه التقنية قد تكون فعّالة وتوفّر وسيلة بديلة من حيث التكلفة، إلا أن هذا لا يمنع القلق من فقدان الأصوات البشرية الفريدة والإبداع الذي يمكن أن يقدمه الممثلون والمدبلجون.
فنانو الصوت ينادون بضرورة إقرار قوانين تحمي حقوقهم وتمنع استخدام أصواتهم بدون موافقتهم، وتضمن “حصص عمالة بشرية” للحفاظ على وجودهم في هذا المجال. إذ يتخوفون من أن يفقدوا وظائفهم وحصتهم من العائدات مع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي.
تكنولوجيا النصّ إلى كلام (Text To Speech)
تعدّ تقنية (Text To Speech) أحد التطورات الرائعة التي شهدتها عالم الذكاء الاصطناعي في العقد الأخير. إنّها تقنية تمكّن الأجهزة الذكية والبرمجيات من تحويل النص المكتوب إلى كلامٍ صوتي بشكل آليّ باستخدام تقنيات تحويل النصوص إلى خطاب صوتي.
تستند هذه التقنية إلى التعلم الآلي (Machine Learning)، حيث تتم معالجة البيانات الصوتية وتحليلها ومن ثم تدريب النماذج الذكية على التعرف على النمط اللغوي واللهجات المختلفة. تتمثل أهمية هذه التقنية في إمكانية تحسين تجربة المستخدمين في التفاعل مع الأجهزة الذكية، فهي تُمكّن من تحويل النصوص إلى كلام بطريقة تشبه الكلام البشري.
وتعدّ شركة ريفويسر دوت كوم (revoicer.com) من أبرز الشركات التي توفّر هذه التقنية الرائدة. تقدم ريفويسر دوت كوم مجموعة واسعة من الخدمات الصوتية بأسعار منخفضة مقابل رسوم شهرية معقولة، مما يجعلها خيارًا مثاليًا للشركات والمطورين الذين يبحثون عن بدائل صوتية مُستدامة وبأداءٍ عالٍ.
ماريو فيليو مقتنع بأن الذكاء الاصطناعي “لا يمكن” أن يحل محل البشر لأنه ببساطة “بلا روح” (غيتي)
ومع ذلك، يثير التطور السريع لتقنية النصّ إلى كلام تحديات أخلاقية واجتماعية. تنشد منظمة الأصوات المتحدة (United Voices)، وهي تضم 20 نقابة ومنظمة عمالية من أوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، حماية حقوق العاملين في مجال الدبلجة والإلقاء الصوتي. تسعى المنظمة للدفاع عن حقوقهم ضد استخدام التكنولوجيا الذكية بدون موافقتهم وضمان تلقّيهم أجورًا عادلة وظروف عمل لائقة.
في النهاية، تظل هذه المعركة بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري حيةً، حيث يعتبر العديد من الفنانين والممثلين أن الذكاء الاصطناعي “بلا روح” ولا يمكنه استبدال الإنسان بالكامل. إنها ثورة تقنية تحمل الفرص والتحديات، ولكن من الضروري أن تكون الحماية والاحترام لحقوق العمالة البشرية جزءاً من هذا التطور.
يجب عليك تسجيل الدخول لاضافة تعليق.